بحث هذه المدونة الإلكترونية

الاثنين، 25 يونيو 2012

نفثاتُ عربيّ من المَهْجَـرْ

يُسائـلُـني أخي عَـنْـترْ
لماذا نحن في المَهْـجَـرْ؟
تركْنا النّخْـلَ في بغـدادَ   م
يسْـرقُـهُ بنـو الأحْـمَـرْ[i]
تركنـا العـزّ ، وَا لَهَفي
فأصْـبَح ظِـلُّـنـا أصْغَـرْ
وصِـرْنا يا أخي غُـرَباءَ    م
هلْ لِلغُـرْبِ مِنْ مَـفْخَـرْ؟
غـريبُ الوجْـه مُغْـتَرِبٌ
غـريبُ الشّـكلِ والمنظـرْ
لماذا يا أخي قُـلْ لي
ألسْـنا من بني العَـنْـبَـرْ؟

سَقَـيْـنا النّخْل من عَرَقي
فأثـمـر عِـذْقُـهُ أثْـمَـرْ
سـقَـيْـنـاه بـأوردتي
فَـأَخرجَ طَـلْعُه بـشّــرْ
وجـاء الغاصب المُحْـتلّ   ُم
يجْـني تَـمْـرَهُ الأشْـقـرْ
وساقَ ثِمارَ دِجْـلَـتِـنـا
وغالَ الكُـحْـلَ والعَـنْـبَرْ
مَـحَى خَـيْراتِ أُمّـتِـنا
وزَوّر صِـيغَـةَ المَحْـضَرْ
وأعْـطانا فُـتاتَ الـرِّزْقِ   م
مِنْ خُـبْـزٍ ومِنْ سُـكّـرْ
كأنّي لم أكـنْ يـومـاً
خَـدِينَ السّيف والمِغْـفَـرْ
ولـمّــا أدّرع دِرعــي
ولم يَصْـهَـلْ بيَ الأبْـجَـرْ
أخي يا َضيْعَـةَ العـربيِّ  م
في الأصْـقاعِ في المَهْجَـرْ
يُعـاني مِنْ تَـغَـرُّبِـه
بِلا ريـشٍ ولا مِـنْـسَـرْ[ii]
لِماذا يا أخي ضِـعْـنا؟
وضاع الجِسْـرُ والمَعْـبَر؟
لماذا يا أخـي؟ قُـلْ لي :
ألـسْـنـا الأمّـة الأخْـيَرْ؟
كأنّي لستُ من مُـضَـرٍ
وحِـلْـفِي في بني شـمَّـرْ
وحـولي من بني عـمّي
بنـو عَـوْفٍ وبـلّلسْـمَـرْ
وأمّـي من بـني سَـعْـدٍ
وصِهْـري من بني مِنْـقَـرْ
أجبْتُ وفي فـمي ماءٌ
ومِنْ قَـوْمي أتى المُنْكَرْ
أُخَيَّ أسَلْتَ بي جُـرْحاً
يمُـجُّ نَجـيعَـهُ الأحْمَـرْ
تُرِكْنا طُـعْـمَةً لِلْحِـقْـد   م
قـادَ سَعـيرَها الأشْـتَـرْ[iii]
وقَوْمي سَـلَّـموا دِرْعي
وهَجَّـرني بنـو الأصْـفَـرْ
أضَعْـنا القُدْسَ والجولان   م
هانَ عَـرارُ والأسْـكَـرْ[iv]
وهـانئُ لمْ يَـعُـدْ بطلاً
وزيدُ الخَيْـلِ في المَخْفـرْ[v]
وسيْـفُ الله في حـِـمْـصٍ
فَضَـجَّ القـبْـرُ والمُـقْـبَرْ
وجاء الفُـرْسُ في دُثُـرٍ
شعـوبِيّـون بـلْ أمْـكَـرْ
أتَـوْا في ثـأْرِ ذي قَـارٍ
وهُـمْ في تُقْـيةٍ أخْـطَـرْ[vi]
وكِـسْـرَى جاء مُخْـتالاً
وعاثَ بِروْضِـنا الأخْـضَـرْ
تَسَـلَّلَ ذلك الصَّـفَـويُّ  م
لِلْـكُـرْسـيِّ والْـمِـنْـبَرْ
وغـالَ فُـراتَـنا قسْـراً
وثَـلّـمَ سيْـفَـنا  الأبْـتَرْ
وأقْـصَى كُـلَّ وطـنـيٍّ
ونَصَّـبَ ظِـلَّهُ الأعـسـرْ
ديموقْـراطِـيَّـةٌ شَوْهاءُ   م
يرْقُـصُ ذئْـبُـها الأغْـبرْ
ربيـعُ العُـرْبِ مَهْـزلةٌ
وحُـكْمُ الشَّعْـبِ لِلْعَـسْـكَرْ
وبَـشّـارٌ لَـهُ تِــرةٌ
فَـسَـلَّ السّـيْـفَ والخَنْجَرْ
يُقَـتِّـلُ شَعْـبَهُ بِـيَـدٍ
    وبِالأُخْـرَى لَـهُ مُـنْـكَرْ
يُفـرِّقُ دينَـنـا شِـيَعاً
فـضاعَ الحَـقْـلُ والبَـيْدَرْ                          
فلا تـأْسَـوا على قَـوْمٍ
رَضُـوا بالصُّغْـرِ بَلْ أصْغَرْ
وهـذا حـالُ أُمّـتِـنــا
وأنتَ بِـحـالِـهـا أخْـبَرْ


[i]) بنو الأحمر : كناية عن الأمريكان .
[ii]) مِنْسَر: المنسر هو المنقار والمعنى المجازي لعبارة بلا ريش ولا منسر أنهم يعيشون عيشة الكفاف ولا سلاح لهم

[iii]) الأشْتر: هو مالك بن الحارث النخعي، أحـد الأبطال المعروفين، ألّبَ على الخليفة عثمان رضي الله عنه ، قيل أن عـمر بـن الـخـطاب رضي الله عنه نظر إلى الأشتر وصعّد فيه النظر ثم قال : إن للمسلمين من هذا يوماٌ عصيبا ، مات في طريقه إلى مصر مسموماٌ فقال عمرو بن العاص : إنّ لله جنداٌ من عسل

[iv]) عَرار والأسْكر : عَرار هو عَرار بن عـمـرو بن شأس ، تزوج والده بامرأة عندما كان عَرار صغيرا ، وكانت تقسو عليه فقال أبوه :
أرادتْ عَـراراٌ بالهوانِ ومن يُردْ               لعمري عَــراراً بالهـوانِ فقد ظلمْ
وإنّ عَـراراً إنْ يكُنْ غير واضحٍ               فإنّي أُحبُّ الجَـوْنَ ذا المنطق العَمَمْ
وعَرار هذا أرسله الحجّاج بخطابٍ إلى عبد الملك بن مروان يصف فيه أمر أهل العراق ، وكان عرار شديد السُّمرة ، فقرأ عبد الملك الخطاب، وكلما استوضح عن شيء أجابه عرار بكلامٍ بليغٍ ومنطقٍ عَمَمْ، فتمثّل عبد الملك بالبيت ( وإنَ عَراراٌ إنْ يكنْ غير واضحٍ ..الخ) فتبسم عرار فقال عبد الملك : ما يُضْحككْ ؟ قال أنـا عرار ، فقال عبد الملك : حظٌّ وافق كلمة ، وأحسن جائزته .
أما الأسكر فهو أمية بن الأسكر الكِناني ، كان شريفاٌ في قومه، وعندما شاخ ذهب ابنه كلاب غازياٌ، فافتقد الشيخ ابنه وقال :
تركتَ أباك مُرعـشةً يداهُ                       وأمّكَ ما تسيـغُ لها شرابا
إذا نعب الحمام ببطن وجٍّ                       على بيضاته ذكرت كلابا
وعندما سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه البيتين رثَى له وردّ ابنه وقال للابن لا تترك أباك

[v]) هانئ وزيد الخيل : هانئ هو هانئ بن مسعود الشيباني البكري من ربيعة، سيدٌ من سادات العرب وشجعانها في الجاهلية، وهو أول قائد عربي انتصر على جيش الفرس في موقعة ذي قار بأرض العراق، وقصة ذلك أن النعمان بن المنذر عندما أحس بتغير كسرى عليه، أودع حرمه وماله عند هانئ، ولما أراد كسرى أن يخفر ذمة هانئ أبى عليه، وتقابل الجيشان، ونصر الله العرب على الفرس، ورُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم عندما بلغه انتصار قبائل بكر على عساكر كسرى، قال : هذا أوّل يومٍ انتصف فيه العرب من العجم وبي نُصِروا، أما زيد الخيل فهو زيد الخيل بن مهلهل، أبو مكنف الطائي، وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأس قومه وهو يومئذٍ سيدهم، وأسلموا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم  : ماذكر رجلٌ من العرب بفضلٍ ثم جاءني إلا رأيته دون ما يقال فيه إلا زيد الخيل، فإنه لم يبلغ الذي فيه، ثم سماه زيد الخير، كان رضي الله عنه علماٌ من أعلام الجاهلية، وفارساٌ من فرسانها، من أجمل الرجال وأتمهم خِلْقة وأطولهم قامة، إذا ركب الفرس تمس رجلاه الأرض
[vi]) أتوا في ثأر ذي قارٍ : يوم ذي قار من أيام العرب في الجاهلية، انتصر فيه العرب على جيوش الفرس، وخلّف في نفوس الفرس مرارة لا تزال تعاودهم وتفسّر شعور عدائهم للعرب
  نُشرت بجريدة المدينة العدد ١٧٩٩٠ الأربعاء ٦ رمضان ١٤٣٣ هجرية ، الموافق ٢٥ يوليو ٢٠١٢ م <

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق