بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 29 أكتوبر 2008

يا ربّ خُـذْ بِـيَـدِي


يا غـافِـرالـذّنـبِ يا رحْـمـن كُـنْ سَـنَـدي

                        يــومً الــقــيـامَـةِ إنْ خَــفّــتْ مَــوازِيــنـي

وامْـنحْـنِيَ الـصّبـرَ وارْزقْـني حَـلاوتَـهُ

                        واغْــفِــرْـ بِـفَـضْلِـكَ ـ أوْزَارآ تُـعَــنّــيـنـي

أتـيْـتُ أحْـمِـلُ أوْزاري عَــلـى كَــتِـفـي

                        فـآدَنـي الـحَـمْـلُ فـي بَــيـْـداءِ سـبْـعِــيـنـي

إنْ لـمْ تـكـنْ غـاضِـبـآ ياربِّ خُـذْ بِيَدي

                        إلـى الــطّــريــقِ الـذي يَرْضاه لـي دِيـني

وأسْــتَــعِــيـذُكَ مِــنْ نَــزْغٍ يُــراوِدُنـي

               واجْـنُـبـْنِ يا ربِّ عَـنْ دَرْب الـشّياطـيـنِ

أصْبحْتُ في حِـيرةٍ أمْشي بغـير هُـدَىً

               لا  مِــنْ صَـديــقٍ ولا  خِــلٍّ يـُـواسِــيــنـي

أهْـفـو إلى كـلِّ حَـسْناءٍ تًـمِـيـسُ عـلى

             عَـــرْشِ الــقُــلــوبِ بـأصْـبـاغٍ وتَـلْـويـنِ

والـنّـفْـسُ أمَّـارةٌ بالـسّـوءِ تَـدْفَـعُـنـي

            وتَــسْــتـَـحِــثُّ شَــيـاطِـيـنـي وتـُغْـوِيـنـي

غُــــفْــــرانَـــكَ اللهُ لاأبْـــغِـــي بـِـهِ بَــدَلآ

            واحْـشُـرْن يا ربِّ فـي ركْـبِ الـمَـساكِـينِ

فَـرّجْـتَ عـن يـوسُـفَ الـصدّيـقِ كُـرْبَـتَـهُ

             وصـاحِـبَ الـحـوتِ فـي ظِـلٍّ ويـقْـطِـيـنِ

يـاغـافِـرَ الـذّنـب يا رحْـمـنُ كُـنْ سَـنَـدي

            في مَوْقِـفِ العَـرضِ إنْ خَـفّـتْ مَوازِيني

بجريدة المدينة  " ملحق الأربعاء "  30 شوال 1429

الأحد، 14 سبتمبر 2008

الـسّفـيـرُ الـعَــربـي


سـامَـحَ الـلـهُ الـسّفـيـرَ الـعَــربي         
    
                الـنّـبـيـلَ الـشّـهْــم مـن نَسْـل الـنّـبـي
صاحَ في الـظّـبْي بـصـوْتٍ آمـرٍ    
   
                أبـْـعِــدي واغْــتـرِبـي واحْــتَـجِــبـي
ذا أبــو" أيْـمـن" أشْـلاءُ فـــتَــى   
               مـــالـــه نـــــفْــــعٌ عــــديــــمُ الأرَبِ
فـأطاعَـتْ واسْتجـابتْ كـيـف لا       
               لا يـُطـيـعُ الـظّـبْي شَــهْــمآ يَـعْــرُبي
لـم أعُــدْ أســمـعُ مــنـهـا نَـأْمَـةً     
               وأبَـــى جــــوّالــــهـــا أن يـــجِـــــبِ
حــسْـبـنـا الـلـه عـلـى غِـيـرتِـهِ      

              وكـــفـــانــا شَـــرّهُ فـي الــمَــلْـعـــبِ
يا سـفــيـرَ الـخــيـرِ إنِّـي إمْـرءٌ      

                شَــمْــسُــهُ قـــد آذنــتْ لـلـمَــغْــرِبِ
أرْقُــبُ الـحُـسْـنَ ولا ألْــمــسُــهُ        

                   وأغُــضُّ الـطّـرْفَ وقْــت الـطّـلـبِ
وتـَـزَيّــنــتُ بـشــيـْـبٍ نــاصِــعٍ        

                  وتَــحَـــلّـــيـــتُ بــحُــــسْــنِ الأدَبِ
ونـهــانـي أدبـي عـن مَـــحْــرمٍ    

                 وعــن الـفُـحْـشِ نـهــاني حَــسَـبـي
اكـتـسبْـنـا ذاك مـن صُحْـبَـتِـكـمْ     

                 وشَــكــرْنا فــيـكـمُ الـخُـلْــقَ الأبـي
فـتـقـبّـل طُــرْفـةً مـن خِــدْنِـكــم         

                واعْـفُ إن الـعَـفْـو طَـبْـع الـنُّـجُــبِ


                                                عــبـدالـقـادر بـن عــبـد الـحـي كــمـال


وعلّق الزميل الكريم الأستاذ الدكتور عبدالله الصالح العثيمين بأبياتٍ رائعة

فقال معارضآ :

صــدّقــوه إن أردتــمْ إنــمـــا       خـشْـيـتـي يـاســيّـدي من أشْــيــبِ

طــيـلـةُ الأيـّام قــد عـلّـمـنــا        أنــه يــفــعــلُ أفْــعــال الـصّــبــي

وإذا قُــلْـنـا لـه أيـن الـتـُّـقـَى ؟     قـال :مـاعــاف الـهـوَى إلا غــبـي

نـعـمـة الـشّيـبِ عـلى حاملها       تـُدخـلُ الأمْـنَ عـلى قـلـب الـظّـبي

وإذا فـــاز بــه لاتـــسْــألــوا        يـا أسـاطـيـنَ الـهـوَى عــن سـبـبِ

السبت، 7 يونيو 2008

اهنئك يا إيمــان


في بداية عام 1429 حصلت إبنتي الوحيدة على شهادة الدكتوراه  في اللسانيات بدرجة امتياز, كنت حاضرَا المناقشة  وخلالها كتبت هذه الابيات :

اهنئك  يا إيمــان فيمـا اضفـته   **  من الرأي و البحث المدعم بالفكر
و لم  ينتقص فيما خلصت مـعالـج  **  رأي غير ما عبرت بالشفع و الوتر
و لم يخل انسان من النقص تـلـكم  **  طبيعــة  مخلوق  وذا قدر يجري
على  انـهم قد اجمعوا بـصراحـة  **  بأنك قد ابدعت في الطرح و البذر
أهـنيك لا إنـي أبـوك و إنـمـا **  رأيت مخاييل النجابة   في  بكـري
و أمتدح الإشراف من صاحب الحجا **  له و رئيس القسم  مخلص  شكري
و أثـني علـى من ناقـشوك لأنهم  ** تغنوا بـما يغري , و قالوا بما يثري 

الاثنين، 7 أبريل 2008

العيشُ على أمل


لا لست أوّل من أحبّ بلا أمل 
                 كم دون جني الشّهد من إبر النّحل

ذي عادة الحسناء تُقبلُ برهةً 
                   وإذا إحْتوتْكَ رمتْك في أمرٍ جلل 

الدّلُّ طبعٌ للنّساء مُحبّبٌ
                والحسنُ يكمنُ في التدلّل والخجل 

والظّبيُ أجمل ما يكون نفارُهُ 
                  يسبي العقول إذا تلفّتَ في وجل

أنا يا ملحية عاشقٌ ومتيّمٌ 
                   وطبيعتي أنّي أعيش على أملْ 

كم رمتُ منها أن تردّ رسائلي
                   لكن تأبّتْ أن تردّ على الرُّسلْ 

و إذا جلتُ لها رنتْ وتساءلتْ 
               هي تستجيب مليحةٌ لمن اكتهلْ 

أفدي النّواعس كم أَصَبْن حشاشتي
             ومراشفاً .. لو كان تسمحُ بالقبلْ 

أترى أيُسعدني الزّمان بضمّها
                ومن الثّنايا الغُر أنعمُ بالعسلْ

هذي أماني .. والأماني خُلَّبٌ 
              من قال تقتربُ الثّريا من زُحلْ

أستغفر الله العظيم لزلّتي
               فالشّعر قولٌ لا يُصدَّقُ بالعمل

٢٠ / ٣ / ١٤٢٨ هـ

السبت، 17 نوفمبر 2007

قراءة في كتاب عبدالرحمن بن أحمد السديري (مقال)

أتيح لي أن أطّلع على كتاب (عبدالرحمن بن أحمد السديري.. أمير منطقة الجوف) الذي شارك في تأليفه مجموعة من الباحثين العارفين المتخصّصين، والكتاب يجمع بين السيرة الذاتية وواقع المجتمع، ولمحات عن تاريخ أسرة عريقة، فضلاً عما يحويه من تجسيد للقيم الرفيعة من صدق ووفاء وبذل وإخلاص وتواضع ومحبة للناس ، وحرص على تنمية جزءٍ غال من الوطن ، وتطوير مفاهيم المجتمع دون المساس بالثوابت.
ومن سوء حظي أني لم ألتق معالي الأمير عبدالرحمن بن أحمد السديري رغم أني في التسعينات من القرن الهجري المنصرم تجوّلت في كثير من مدن الشمال من المملكة، وكم تمنّيتُ لو تشرّفتُ بزيارة معاليه وحظيتُ بلقائه وسعدتُ بالجلوس إليه.
وأوّل ما شد انتباهي في هذا الكتاب القيّم حرص معالي الأمير على مجالسة الرجال والاستماع إليهم وتبادل الأحاديث معهم ومسامرتهم ، وهو في ذلك يحظى بالأخبار من مظانها، ويتعرف على حاجات الناس واحتياجاتهم فيما يساعده على توفيرها لهم، أو على أضعف الإيمان السعي فيها ، والوجه النافع ما يسمعه  يغبّ في قلبه  ويختمر في صدره ، فإذا أعمل فكره تلاحقتْ الأفكار مع الرأي السديد  فكانت النتيجة أفضل نتيجة وثمراتها أكرم ثمرة ، وقديماً قالوا مذاكرة الرجال تلقيح لألبابها.
ويتداخل حرصه - رحمه الله - على مجالسة الرجال مع نزعته الطبيعية على الكرم. وجبلّته بالجود، فهو من أسرة جُبلت على حفاوتها بالضيف، واشتهرت بالكرم، عبّأها الله لكل جسيم ، ورباها لكل عظيم - وأقرب شاهد في ذلك ما عرف عن جدّه (سليمان) الذي التزم بحماية كل من كان على مرأى من الجبل المطل على الغاط وهو خشم العرنية.
(دار عليها واضحات المواريد       **      ماهي عطا.. ورثتها عن جدودي)
(من شافها يامن عن الغدر والكيد  **     حموا حماها عن حسود وحقودي)
(أعلامها بحبالها والتواكيد           **     خشوم العراني ثبّتنْ الحدودِ)
ومظهر كرمه تجلَّى في دكّته التي بناها في جانب السوق ولم يجعل لها باباً ، ليستطيع الضيف وطارق الليل أن يؤمَّها، ويجد فيها ما يودّه ، وهي كما وصفت: (مفتوحة البيبان قدم المسايير) فلا يتردّد الطارق في دخولها ،وهذا ليس بغريب على من سُمِّيَ (بعشير ضيفه) وهو لقب اشتهر به رحمه الله عند كل الناس لحرصه على محبة ومجالسة ضيوفه ومؤانستهم بحديثه وبشاشته المشهودة المعهودة، وحسن استقباله لهم والترحيب بهم، وسجل واقع دكّته بقوله رحمه الله :
(ولي دكّةً ما صار من دونها باب        **      بنيّتها في جانب السوق راده)
(أبي إلى جا هاشل الليل ما هاب         **      يلقى بها مما يوده مراده
 (ويلقى بها من خيرة الربع شبّاب      **      قرمٍ يحض الضيف رغبه وعاده)
هذه صورة مختصرة جداً عن كرمه وبرّه ، فما لقيت فيما كتب عنه أنه استفرد بطعام أو استأثر بإكرام ، بل كانت نفسه كريمة  معطاءة، تأبى أن يغمزها مغمز أو يثلبها مثلب، وهو كسالفيه معطاءٌ  لا يبخل وكريم محب للضيوف ، وقاه الله من شح النفس فكان خلقه السخاء وطبيعته الكرم ، فاستحق بجداره ما قيل عنه (عشير الضيف، عشير المناعير) وتلك عادة الكرماء وسجية الأباة  . وكانت تجارته -رحمه الله- صحبة الأخيار، وهي مظهر اجتماعي ألّف به القلوب ، قلوباً أجمعت على محبته، واجتمعت على مودّته، هيّأها بلطفه وحدبه عليهم ومحبته لهم.
(أرّثت بالجوف غرس ودار       **      ولا تشبثت بتجاره)
(تجارتي صحبة الأخيار            **هذا هوى القلب وشعاره)
ونشأت بينه وبين مجتمع الجوف علاقة متينة قوامها رعايته لهم ، وثمرتها محبتهم له، فاستخرج مكنون محبته ببرِّ الإنسان (أي إنسان) وحماه الله عن سكر السلطان، وطغيان السلطة وإفراط التعظيم ، فاستحكم تجربته، وبعدت بصيرته  ، حتى عرف مصلحة إنسان الجوف بصلاح الفاسد (إن وجد فاسد)  ، وإقامه المعوج (إن ظهر المعوج) ،  وعمارة كل ما يحتاج لعمارة ، فاكتسب تقدير مجتمعه ، واعتبر بينهم نسيج وحده لجودة رأيه ، وبعد همته ، ونبل شيمه ، فانقاد له المجتمع الجوفي في محبة لا إذعانا، ومودة لا خضوعاً ، وما استوجب ذلك منهم إلاّ بعد أن عرفوا لبه، وتبين لهم عطفه وحدبه، ولم يستكرهوا منه بادرة تسيء إلى مصالحهم ، واجتهاده المستمر لمستقبلهم، ولم يكن له مطمع فيما بين أيديهم ، فاكتسب محبتهم ونال ثقتهم  ومودتهم ، والناسةعيون الله في الأرض ، لا يمحضون المحبة إلاّ لمن يستحقها، يقول فيه الشاعر خلف العواجي مجسّداً عواطف مجتمع الجوف:،
(الكل يحمل لك التقدير        **      شيّابنا هم والاولادي)
(حيثك بحالاتنا بصير         **      ومن شان مصلوحنا تفادي)
(لكل ظرف معك تدبير        **      ابنً حليمٍ وبولادي)
وبعد ماذا أقول عن شهم نهض بالمسؤولية والخدمة العامة أميراً لمنطقة الجوف وهو في الرابعة والعشرين من عمره ؟ ، ولم يسْتَـعْـفِ -رحمه الله- إلاّ وقد تجاوز السبعين، ولو لم تدركه أعراض الأمراض لما تخلَّى واسْتَـعْـفَـى.
إن استكناه شخصية الأمير عبدالرحمن بن أحمد السديري -يرحمه الله- متعة الباحث عن عشير الضيف، ولكنها في الوقت نفسه مضنية ، لتعدد الجوانب التي سوف يتطرق إليها، هل يتناول كرمه؟ وفي ذلك يطول الحديث، أيكتب عن مروءته ؟ وله في ذلك أوسع مجال ،  والاستطراد في تطلعاته ونظراته المستقبلية وطموحاته لخدمة المنطقة التي أحبها وأحبته ،  وفي ذلك تكثر الصحائف، أيستعرض حبه للزراعة وشغفه بعمتنا النخلة ؟ هل يعدد إنجازاته ومنجزاته ؟ وفي ذلك يستملح الحديث ، أو عن أناته وسعة صدره وحكمته وبعد نظره ؟ لاشك أنها مهمة صعبة عن رجل نذر نفسه لخدمة الوطن وإسعاد المواطن تلبية لرغبة القيادة التي أحسنت اختياره، فاستحق الثناء، لأنه كان آية من آيات علو النفس، وحسن الخلق وطيب المعشر حتى مع أتباعه ، وتلك لعمري ميزة حببته إلى كل من عرفه وعاشره.. وقد ختم الله له بالسعادة فأسعده بأبناء وبنات برره، تحلّوا بشيمه فارتفعوا في عيون الناس ، وحرصوا -كما أراد وابتغى والدهم- على العلم فاخذوه بأحسنه، وإنك لتجلس إلى أحدهم فتلقى من ثمار الفكر والمعرفة ما يغني ويبهج، اللهم أكثر حسادهم ، فإذا علقتهم الأمجاد هان عليهم الحساد، ولعمري لم يمت من خلف رجالاً وَوَرّث خصالاً تُـذكر فـتُـشكر..
رحمك الله أبا فيصل وسلام عليكم ما رفَّ طائر وتنفّس مخلوق.
نشرت في جريدة الجزيرة الاحد 8/11/1428 هـ

الأحد، 15 يوليو 2007

عُكاظيًّة

بدت بعد وأد طال أمجادها دهرا 
ومن سجف النسيان فأمتلأت بشرا
ووشوشها في سمعها عزمُ ماجدٍ
      يعطر بالابداعِ ساحاتِها فِكرا
ويرسمُ فيها من بديعِ خيالهِ
 دراريَّ لا تخبو واخيلةً غُرا
فجاءت تهادى في حياءٍ وعفةٍ
وأحرى بها ذاتَ العفافِ بها أحرى 
عكاظيةٌ تجلو شتيتاً معطراً 
    وتختالُ في قروى وتخطُر في شُبرا
أعاد لها شبلُ الموحِّدِ ذكرها
     وفك رِتاجَ الجهلِ عن أثرٍ يقرا
وارسلَ من يجلو خفيَّ مكانها
        ويستنبئٌ الآكامَ والسهلَ والصَّخرا
أتتك عكاظٌ تجتبي منك نظرةً
     فهيّئ لها الإبداعَ ياسيِّدي بِكرا
أحطها بما تصبو إليه فقد مضى
                   عليها زمانٌ تلعق الصاب والمرٌا
وترنو لسلطان الذي ذاعَ صيتهُ
         ومن مثلهُ يرعى ومن مثلهُ يُطرى
حكيمٌ حفيٌّ أريحيٌ مسدَدٌ
         فكان لها غيثاً وكان لها بحرا
فلمّا رعاها أخصبت جنباتُها
           وعمّ فتيت المسك أرجاءَها عِطرا
وجاء إليها الفيصليُّ مشمِّراً
          بإنجازه فكراً وإبداعهِ شعرا
أديبٌ أريبٌ ألمعيٌّ مثقفٌ
            فأكرمه من والٍ وأكرم به ذُخرا
أزاح غُبارَ الدهرِ عنها بهمةٍ
           بُعيد احتجابٍ غال إبداعَها قَسرا
ويُرجع مسراها ثقافةَ أمةٍ
            وإبداعَ شعبٍ من تبوكَ إلى يعرا
فأشرق نورُ الفكرِ في جنباتها
                    وردَّدَتِ الأرجاء ساحاتِها ذِكرا
هلمي عكاظَ الخيرِ فجرُك مشرقٌ
             ووجهُك وضَّاءٌ فتيهي به فخرا
أعيدي لنا تاريخَ أمةَ يعربٍ
   بأمجادها شعراً تخلّد أو نثرا
أقيمي مناراً للثقافةِ ساطعاً
   وضميهِ حتى يستطيبَ له المسرى
لها من مليكِ العُربِ تصميمُ مصلحٍ
           بأن يبلغ الإبداعُ منزلةَ الشعرى
ويصبح فيها للثفافةِ مشعلٌ
           وبالفكر والابداعِ تغدو لنا بدرا
فيا خادمَ البيتِ الذي شعَّ نورهُ
                وأنزلَ فيه اللهُ آياتهِ الكبرى
أضاءَ لها مشكاتَها فغدت بها
       تميسُ على هندٍ وتغبطها عفرا
وقلدها بالزّاهرات عشيّةً
     وعاج وأعطاها الجواهر والدُرّا
فسار اليها النابهون تحثُّهم
  أمانيُّهم من قلب نجد ومن بُصرى
فهذا يحاكي النابغيَّ بلاغةً
       وآخرُ يبدو في شجاعتهِ عمرا
سقتكِ الغوادي ياعكاظُ عشيّةً
ومن صيّبٍ ينثالُ بالبِشرِ والبُشرى




السبت، 16 يونيو 2007

إن الغصون إذا عدلتها اعتدلت(مقال)



تهتم اللغة العربية بمخارج الحروف عند النطق لتميّز بين حرف وآخر ، حتى لا يقع لبس في ادراك المعنى وفهمه ، والتراث العربي تراث سمعي يعتمد على الأذن في تمييز معاني الكلمات ، خصوصاً تلك التي تختلف معانيها باختلاف نطقها.
ومن المعروف ان العالم الّلغوي ( قُـطْـرُبْ) ألّف ثلاثيته المشهورة في اختلاف معنى الكلمة الواحدة عند نطقها  ضمآ أو فتحآ أو كسرآ ، فمثلاً كلمة ( الجنة ) إذا فتحت الجيم فهي دار النعيم بالآخرة، وإن ضُمّت الجيم كان معناها السُّترة أي ما يُستَتَر به، والعرب تقول : أجْـنَـنْـتُ الشيء في الصدر أي سترته أما إذا كُسر  حرف الجيم فمدلول الكلمة
< الجِن > والله عز وجل يقول في سورة الناس (( من الجِنة والناس )).
قلت ما قلت تدليلاً على اختلاف المعاني باختلاف حركة الحرف، فكيف إذا كان التغيير في مخارج الحروف. لقد استمرأنا مع الأسف التغيير نتيجة للتّلقين الأعمى فالثاء أصبحت (( س )) وبعضهم ينطقها (( ت ))
وحرف ال (( ظ )) أصبح (( ز ))
وحرف ال (( ذ )) أصبح (( ز ))
حتى حرف ال (( ض )) دخله عند النطق اعوجاج فيقال [ الظابط ] ويقصدون به [ الضابط ] كل ذلك استحداث وافد قلّده البعض ظناً أنه من مقوّمات التحضّر، وهو اعتياد سيىء يجب أن نجابهه  ، وأن نعوّد انفسنا على تقويم مخارج  حروفنا العربية التي نزل بها القرآن الكريم.
يُروَى أن أحد علماء اللغة كان لا يرى بأساً في نطق حرف الصاد سيناً لتشابه مخرج الحرفين، فجوبه برأيٍ معارضٍ دلّل على فساد ذلك فقيل له كيف تقرأ الآية الكريمة؟: ( ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم ...) الآية فخجل صاحب ذلك الرأي وتراجع عن رأيه.
إن التعوّد على حفظ اللسان وتقويمه في إخراج الحروف من مخارجها الطبيعية مهم وضروري، ومن الخطأ أن نُحرّف كلمة ( ثبت ) إلى ( سبت ) وكلمة ( كثير) إلى ( كسير) وكلمة ( ثري) إلى (سري) فالفرق شاسع في المعنى بين هذه وتلك ولغتنا الجميلة لا تحتاج إلى هذا التبديل المشوّه الذي يُخرج كلماتها من معانيها الأصلية إلى معان لا نريدها ، بل أن بعض هذا التحريف لا يليق ذكره... ولقد سبقني في الإشارة إليه معالي الشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ رحمه الله في خاطرةٍ من خواطره.
ولئن عتبتُ فإنما أعتب على جريدة عكاظ التي ترجمت اسمها بالأحرف اللاتينية ( okaz) وكان الأولى أن تكون (okad) فذلك أقرب مخرجاً من حرف< z >.
إن من واجب المدارس تعويد الطلبة على النطق السليم وتقويم مخارج الحروف عند نطق الطلبة ، وأن تحرص على تصحيح ذلك وتلقينهم وتعويدهم على التمسّك بلغتنا لأنها هويتنا.
وأحسب أنه من المهم والضروري أن يحرص الآباء والأمهات على نشْئهم فيقوّمون ألسنتهم وهم صغار قبل أن تستعصي عليهم وهم كبار ويصدق فينا قول الشاعر :
إن الغصون إذا عدّلتها اعتدلت    **     ولا تلين إذا كانت من الخشب  .
جريدة المدينة
السبت  8 -6-1428 هـ