بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 8 مارس 2006

رسـالـةٌ إلـى مُـضـارب أسْـهـم

تـرفّـقْ أيـا مَـنْ نـاحَ عـنـد الـمُـؤشِّـرِ
            وأبْـقَـى عـيـونـآ لـلـمـكـاسِـبِ تـجْتَـلـي
رَنَـتْ لِـلـمـواشـي أمّـلَـتْ بـارْتِـفـاعِهِ
             فـعـاجَ بِـخَـفْـضٍ طـارَ مِـنهُ  تـعَـقُّـلِي
وعَـرّجَ لِـلإسْـمِـنْـتِ يَـبْـنـي صُـروحـهُ
             فـــآبَ إلــى مــأْوَى وأسْــوأ مــنْــزِلِ
وقـالَ لُـجَـيْـنٌ فـيـهِ لِـلـحَـظِّ مـطْـمَـعٌ
            فـعـادَ بِـحـظٍّ (حَـطّهُ السّـيـلُ من عـلِ)
أريْـتَـكَ يـا مَـنْ تَـبْـتَـغـي الـكَـسْـبَ دائِـمـآ
            فـدعْ أسْـهُـمـآ مـثـل الـقُـمـار الـمُرذّلِ
عـلـيـكَ بِـتـقْـوَى الله فـي كُـلِّ مَـقْـصَـدٍ
           وسـبِّـحْ عـشِـيّــآ  لِـلإلــهِ وحـــوْقــِـلِ

نُشرتْ في جريدة  عكاظ   العدد    14438
وتاريخ  8 صفر 1427 الموافق 8 مارس 2006 م .

الاثنين، 6 مارس 2006

مؤشّر الأسهم

ترفّقْ أيا من ناح عند المؤشِّر 
             وأبكى عيوناً للمكاسب تجتلي
                       
رنت للمواشي أمّلت بارتفاعه 
             فجاء بخفضٍ طار منه تعقّلي 
                      
وعرّج للأسمنت يبني صروحَهُ
             فعاج إلى مأوى واسوأ منزلِ
                     
وقال لجينٌ فيه للحظّ مطمعٌ
           فعاد بخظٍ حطّه السّيل من علِ
                   
أرأيتك يا من تبتغي الفوز والعُلا
            فدعْ أسهماً مثل القمار المرنَّلِ 
                     
عليك بتقوى الله في كل مقصدٍ 
          وسبّح بحمد الله واشكر وحوقلِ                  

السبت، 5 نوفمبر 2005

مناجاة

أُناجيك-يا حلوتي- بالشِّعر
  وأرسم فيه بديع الصور
أرنّقه بالقوام الجميل
زها وازدهَى بالمحيّا النَّضِرْ
وأزهو بنورك يجلو الظّلام
وأقبس منه السّنا والسِّحر
أُحسِّك في همسات الحروف
     أُحسّك في وشوشات السّحر
أُحسِّك في ومضات النجوم
أُحسَّك  في شرفات القمر
أحسِّك دفئاً سرى بالضلوع
أُحسِّك نوراً يُضيء العُمُر
أُحسِّك في صدحات الطيور
أُحسِّك في نغمات الوتر
تقولين: ويحك ما ترعوي؟
      وفي القسمات رسوم الدهر
فهذا شحوب وهذي كُلُوم
        وهذي بقايا العنا والسّهر
فيا ربة الحسن لا تعتبي
فطيب الثمار تُهيج النّظر
فإن كنت شيخاً ففي مهجتي
شواهد من نزعات البشر
وفي القلب من عزمات الشّباب
     أحاسيس لم تكترث بالكبر
رأيتك والسّحر في مقلتيك
     وعذب اللّمَى وجمال النّحر
وخصرا ينوء بردفٍ ثقيل
         ورمانتين زهت بالدّرر
وقداً تميّس  مــا  شــابــه
          معيب من الطول أو من قصر
تأوّد في  رقــةٍ وازدهَى
        وتاه وزان بطيب الثّمر
فلا تعجبي إن سبيت العقول
 ولا تعجبي إن قدحت الشّرر


٣ / ١٠ / ١٤٢٦ هـ


السبت، 4 يونيو 2005

الـثّعْـلـبُ الـمُـتَـسَـلِّـق



نــُـبـِّـئْــتُ أن ثـَـعـْـلَـبـآ    
طـــويـــلَ ذيْـــلٍ أرْبَـــدَهْ "1"
مـــن خُــبـْـثــهِ ومَـكْــرهِ   
ثـَوَى بـِـــــدارِ مَــأْسَـــدَهْ
مُـــرافـِـقــآ لـلأُسْـدِ، والــ
ـ  أُســود فــيــه مُــزْهِــدَهْ
أوَى إلـــى عـَــريـنـِـهــمْ      
بـِــلــبْـدةٍ مُــجـــعَّـــدَهْ
مُـــقــلّـدآ زئـيـرَهـــــمْ   
بــنَــبـْــرةٍ مُــــجَـــدّدَهْ
وظـنّ – مــن غـَــفـْلـتــه -   
أن الـــزَّئــيــــرَ أسّــــدَهْ
مــكــوّنــآ مــن الـدّجـــا   
ج،   فِـــرْقـــةً مُـــجَـنـّـدَهْ
وصــدّق الــمـغـْـرورُ مـــا     
قـَــلّـــدَهُ ولــــبـّــــدَه ْ"2"
يــخْــتــالُ فــي مَـسـيـرِه    
كــأنـّـــه ابْــن كَــلَـــدَه ْ"3"
بــخــطـْـوةٍ وئِــــيــدةٍ      
ونـَـظْــرةٍ مُـــبـــلّــــدَهْ
وزادَ فــــي غُــــــــرورِه   
مـُــغالـيــآ فـي الــبَـغْــدَدَهْ
 تـــعَـــوّد الــسُّـؤال إلـْــ
ـحـافــآ وزاد فــي الــكَــدَه ْ"4"
فــعَـيـْــنـُـه مـن طَــمِـعٍ     
تـــرْصُــدُ كُــلّ مَـــرْصَــدَهْ
يـَــشــومُ كـــلّ بـــارقٍ      
حــتـى  يَــنــالَ مــقْـصَــدَهْ
إذا رأَى ذا ثَـــــــــــرْوةٍ     
هـــدْهَـــدَهُ   ومَـــجّــــدَهْ
وســــارَ فــي ركـــابـِـهِ      
مُـــــــردِّدآ  مــــــا  ردّدَهْ
أطْـــراهُ فــي حَــديــثِــه     
وفــاضَ فــيـه  مــحْــمَـــدَهْ
وزادَ فـــــــــــي  وِدادِه    
كـــأنــّـه  قـــد ولـّــــدَهْ
ســارَ  عـلـى  مِــنْـوالِـــهِ      
وسَـمْــتـِـــه  وقَـــلـّـــدَهْ
يــقــولُ فــي حَــضْــرَتـهِ    
طَـــرائِــفــآ مُــــجَـــوّدهْ
لـيُـضْـحَــكَ الــثـّريَّ صــا    
حــــبِ الــنـّـوالِ ســيـّـدَهْ
طـُرفــتُــه قـَـديـــمًـــةٌ    
بــاهِــتـَـةٌ مُــبـَــــــرّدَهْ
مــثـل الــصّـقــيـعِ بــاردآ    
فـي  لــيْـلـةٍ  مُـجـَــمّـــدَه
إنْ شـاركَ الـحُـــــضـورَ فـي    
كــلامِــهـمْ مــا  أبـْــــرَدَهْ
وإن  تـغَـنّــى  بـيْــنــهــمْ   
خِــلْـتَ  سـهـامـآ  مُـــرْصـدَهْ
فــصـوْتـُه مـثـل الــفَـحــيـ
ـحِ ، فــي لــيــالٍ مُــرْعِــدَهْ
مـُسْـتـكــبِـرٌ فــي ذاتـِـهِ      
كـــأنّ  ربــّي أخْــــلَـــدَهْ
لاأكْــثــرَ الــرّحـمـنُ مـن     
أمْـــثــالـِـه   وأبْــعـَـــدَهْ
نــارٌ عـلـيــه مُــؤْصَــده ْ    
فــي الــعَـمِـد  الــمُــمَـدَّدَهْ


         الرياض  27 ربيع الثاني 1426
----------------------------------------------------------------------------------------
الهامش : "1"  أربده : نقول أربد من الربْده وهي الغُبْرة،والربدة في النعام سوادٌ مختلطٌ
                 وسُمي الظليم بالأربد لسواده المختلط ،   "لسان العرب مادة ربد "
         "2"  لبده : لبد شعره أي جمعه وأطاله ، والمعنى أن هذا المتثعلب أطال شعره
                             ليشبه الأسد ، وقلد زئيره ظنآ أن ذلك سيجعله أسدآ
                                   " لسان العرب مادة لبد
                "3" ابن كلده : هو الحارث بن كلده الثقفي ،طبيب العرب في الجاهلية وحكيمها
                                                الفارس الشاعر ، أحد نوابغ العرب في الجاهلية ، وفد على كسرى
                                                وناظره حتى قال فيه : لله دركَ من إعرابي، لقد أعطيت علمآ
                                                وخصصته بفطنة وفهم . " أعلام ثقيف للأستاذ فالح بن ذياب العتيبي .
                "4" الكَده : الإستعطاء بإلحاح والإلحاف في السؤال والمسألة   " لسان العرب مادة كدد .

الجمعة، 3 يونيو 2005

المودّه لا تمحوها الرّياح


قرأتُ قوْل قائلٍ  : " جرحوا قلبي وحبُّهمْ يُذهبُ ألم الجراحة ، وطرفوا عيني وهمْ يزدادون فيها ملاحة " فحاولتُ أن أنسج على منْوالها ، فكانتْ هذه الأبياتْ
أرْسِــلْ ســلامـي بـالـمـسـا والـصّـبـاحِ       **       واخُــصْ مــنْ هُــو سـاكـنٍ فـي عـــيـونـي
واوْفـي بــحــق الـود وارْجـي الــفــلاحِ      **       واقــدِّم الــواجِــبْ ولــو هُــمْ جَـــفُـــوْنـــي

إن قـدَّرونـي،، قـلْـت حـظِّـي وْنَـجـي         **        ولـهـمْ كــبــيــر الـعُــذْر لـو اسْــفــهــونــي
أخْـفِـضْ لـهـمْ بالـذُّل صـوتي وْجـنـاحـي     **       وارْعَـى مـسـاكــنْـهـمْ بــداخِــل جُــفــونــي
وان بــادَروْني الـصّـد أكْـبـحْ جِــمــاحي     **       وعـيـن الـرّضـا تَـشْـفـي كـثـيـر الـطُّـعـونِ
وادمـحْ خَـطـاهـمْ واسْـتَهِـيـن بْـجـراحـي    **        واحــوط ذكْــراهــمْ بــقــلْــبٍ حــــنـــــونِ
يـا عـنْـك مـاتَـمْـحـي الـمَـودَّه ريــاحِ        **       ولا يــزيــل الـــحُـــب كُــثْــر الــظُــنــون
زَرْع الـمـحـبّـه يـنْـتِـشـي بـالـسَّـمـاحِ       **       والــرّفْــق مــذكــورٍ بــشــرْح الــمُــتُــونِ
                         

الجمعة، 25 مارس 2005

سهرة مع القمر


سهرت مع القمر - ياحلوتي - في ليلة البارح
ونوره يغمر الأكوان ياسبحان من ضوّاه
وحوله موكب النّجمات في زفّه وهو سارح
تعالى اللي خلقه وصوّره سبحان من سوّاه
شبيهك في الحلا اسهرني غمرني بالهوى الجارح
ولا حَجبت عليّه طلّة انواره ولا نجواه
ذكرتك يوم شفت البدر في سمت السما شارح
تمنّيتك على طعسٍ حمر نسري على مسراه
ألا يا عذبة الأرياق .. ذوقه عيّا لا يبارح
تعالي نشهد العالم  وننسى من هوانا الآه
تعالي على الملا نبدي غرام وشوق ونصارح
ونرسم فوق ذرّات الرمل مابا الهوى صغناه
تعالي - يابعد روحي- نعيد القول ونطارح
نوثّق عقدنا الدّايم على سنّة رسول الله


١٥ / صفر / ١٤٢٦


السبت، 29 أبريل 2000

عاشق الكبريتة (مقال)



كانت المنازل في مكة المكرمة قريبة، يوم كانت القلوب قريبة، وكانت شوارعها أزقة ضيّقة لا تشوّهها السيارات، ولا تعكّرها المركبات، وكان الحرم المكي هو البغية للمصلّي والطالب والمنتظم في حلقات العلم، كانت الحياة في مكة هيّنة ليّنة، القلوب قريبة، والمشاعر متقاربة، والناس في تواد وصلة وتراحم، قبل أن تشوّه الفلوس النفوس، كان صاحبنا يدرس في مدرسة تحضير البعثات، ومنزله في طلعة الفُلق ، وفي صباح كل يوم ينزل من منزله إلى برحة القرارة، ومن ثَمَّ إلى المسعى الذي كان آنذاك يغصُّ بالمحلات، والدكاكين، والسابلة، ومن ثم إلى القشاشية  حيث مدرسته، وأحسبه عصراً ينزل من نفس الطريق - إن لم يكن بعضه - ليذاكر دروسه في الحرم الشريف في حصوة باب زيادة، كان صاحبنا طويل القامة وسيم الطلعة ولم يكن بديناً مترهّلاً ولا نحيلاً مزرياً، بل كان قوامه جميلاً ملحوظاً، وكان الفتى يعرف ذلك عن نفسه، ويدرك ذلك في نفسه، وكانت حياته رتيبة تسير على منوالٍ واحد، لا يختلف طابعها، ولا يتغيّر نظامها في يوم عن الآخر، الصباح في المدرسة، والعصر والمغرب في الحرم المكي الشريف، ثم يؤوب إلى منزله بعيد المغرب، وهكذا دواليك.
وكانت منازل مكة تضع على الشبابيك ستارة " مدّة " تسمى الكبريتة، ومن خِصاصِها يُتاح لأهل المنزل من النساء مسارقة النظر إلى الطريق، لترقّب عودة الزوج، يوم كان يُترقّب عودته، وقبل أن تتغيّر الأدوار، كان صاحبنا الفتى في طريقه المعتاد الذي يمشيه كل يوم، وليس من جديد، حتى كان يوماً لاحظ أثناء سيره منزلاً في مواجهة الطريق تهتزُّ فيه الكبريتة وتخفِق، ومعنى ذلك أن وراء الكبريتة إمرأة تخالس النظر إلى الطريق، لم يلق آنئذ للموضوع بالاً، ولكنه لاحظ تكرار اهتزاز الكبريتة عند مروره وروحاته إلى المدرسة أو إلى الحرم الشريف، وظن صاحبنا الفتى - وحق له أن يظن فله من وسامته وميعةِ صباه ما يخفق له القلب وتهتز له الكبريتة - أنه المعنيُّ باختلاج مشاعر الكبريتة، كان الفتى في مَيْعة صباه، وفورة فتوته، يهوّم مع الخيال، ويبحر مع التخيّل، ويحلّق مع القصص الوجدانية، ويعيش في أجوائها وكأنه أحد شخوص الرواية إن لم يكن فارسها.
أصبحت الكبريتة لصاحبنا غايةً وهدفاً، يسترق إليها النظر ويخالسها الرؤية، وانعكس ذلك على هندامه، أصبحت ثيابه محل عنايته واهتمامه، يتأكّد من نصاعة الثوب، ونظافةغترته، وأكثر سيره عبر ذلك الطريق (( طريق الكبريتة ))، واختلق الذرائع، وخلق الحجج، ليزيد من مروره في ذلك الطريق، ومواجهة ذلك المنزل، وأصبح الفتى زبوناً لدكان قريب أمام المنزل، ليتاح له مسارقة النظر إلى تلك العروب  التي هزّتْ وجدانه، وحرّكتْ مشاعره ، وعاش صاحبنا مع الكبريتة، يخفق قلبه إذا اقترب من الموقع، وتتباطأ خطواته عند الاقتراب، ويُرعد في سمعه دفق مشاعره، وفي فصله ومنزله واثناء مذاكرته، كان يختلس الأوقات التي يخلو فيها مع الخيال، خيال الكبريتة التي حوته واحتوته، وعاش فيها وبها ومعها أجمل الساعات وأبدع اللحظات، يحضن مشاعره، ويحتضن تخيّلاته، حتى كان يوماً تحطم الخيال، وانكفأت اللهفة، وتراجعت أو بالأحرى اندحرت العاطفة، وانحسر الشوق والتشوّق... خرج صاحبنا قبيل العصر من منزله يبغي الحرم الشريف، وعندما اقترب من موقع الكبريتة، فز خفوقه، وأرعدت مشاعره، وتباطأت خطواته، وتركزت نظراته على الكبريتة، التي تجاوبت واهتزت وخفقت، وتزايدت خفقتها، واشتد اهتزازها، وأطل من خلفها رأس الأثيرة الحبيبة، وليته لم يظهر، فالأثيرة الحبيبة التي هزّتْ وجدانه شهراً، وتغلغلتْ في مشاعره دهراً، لم تكن إلا تيْساً أعـزّكم الله.


----------------------------
الهامش

<1> الفلق : حي من أحياء مكة المكرمة.
<2> القشاشية : حي من أحياء مكة الكرمة، واندثر حي القشاشية الآن ولم يبق له وجود بعد توسعة الحرم المكي الشريف.
<3> الكبريتة : ستارة من عيدان رهيفة، تضم إلى بعضها وتخاط من الأطراف والوسط وتوضع على النوافذ من الخارج، وهي معروفة في الحجاز، وكانت تستعمل في الستينيات والسبعينيات.
<4> العروب : المتحببة إلى زوجها والعاشقة له، قال سعيد بن جبير عن ابن عباس في تفسيره قوله تعالى ( عُرباً أترابا ) يعني متحببات إلى ازواجهن... (تفسيرابن كثير).

جريدة عكاظ العدد ١٢٢٩٩ اليوم السبت الموافق ٢٤ محرم ١٤٢١ هـ